من أعظم الدروس المشهودة في عالم النجاح النملة وكيف أنها تعيد محاولتها مرات ومرات حتى تصل إلى غايتها فهي تتسلق الشجرة فتسقط ثم تعاود الصعود فتسقط وهكذا حتى تنجح في الصعود والحصول على المطلوب من دون كلل ولا ملل وإذا أغلقت عليها طريقها أخذت ذات اليمين وذات الشمال وإذا صعب عليها الصعود تأخرت ثم عادت أقوى مما كانت وربما تبتعد عن طريقها الأول لبعض العوارض لكنها تعود في نفس الاتجاه حتى تصل ولها قوة عجيبة في الإصرار على المطلوب وعدم اليأس حتى ضرب بها المثل وذكروا أن أعرابياً سافر لقضاء حاجة فلما تعب من السفر جلس يفكر في عودته من سفره فرأى نملة تصعد صخرة فتسقط ثم تصعد فتسقط مرات كثيرة ثم صعدت حتى علت الصخرة فقال:
أنا أحق بالصبر والمثابرة من هذه النملة فواصل سفره وأدرك مطلوبه وقال:
اطلب ولا تضجر من مطلــب فآفـــة الطـالـــب أن يضجرا
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخـر قد أثرا
إن في حياة النملة عبرة لقوم يعقلون كفاح وصبر وإصرار ومثابرة ومواصلة، ثم إن النملة لها من الاحتيال لنيل مطلوبها مايفوق الوصف، فقد ذكر من ألف عن النملة أنها تدخر قوتها من الصيف إلى الشتاء لأنها لاتخرج في الشتاء كثيراً فتخزن قوت الشباب ولا تأكله إلا في حينه وخوفاً من أن ينبت الحب المخزون، تقوم بإذن الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى بكسر الحبة من وسطها لئلا تنب، وإذا مرت في طريقها بخليج ماء صغير لاتستطيع عبوره تشكل النمل مع مجموعة منها جسراً فوق الماء حيث تتشابك النمل فوق معبر الماء كالجسر فإذا مرت جميع النمل من فوق هذا الجسر انسحب جسر النمل إلى الطرف الآخر فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى !!
وإذا وجدت نملة قطعة لحم أو رجل جراده ولم تستطع حملها أو جرها ذهبت إلى بيت النمل فأحضرت أخواتها من النمل فحملوها معها، والنمل فيه الإصرار والمثابرة مافيه عبرة لمن أراد النجاح حتى أنك لو وضعت في طريق النمل حجراً لوقفت النملة غير راجعة إلى الوراء بل منتظرة أو محاولة صعود الحجر أو الإتيان عن يمينه أو يساره أو اختيار طريق آخر إلى نفس الاتجاه دون رجوع.
د. عائض القرني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق